"لماذا يكذب
النظام ؟"
عندما نستمع الى
اوركسترا رد النظام السوري
على تقرير المحقق الدولي
في اغتيال الرئيس رفيق
الحريري ديتليف ميليس،
نتذكر مقالاً كتبه أحد
شهداء الصحافة اللبنانية
الكبار اتهمت اجهزة هذا
النظام باغتياله. نتذكر
مقال سليم اللوزي وعنوانه:
"لماذا يكذب النظام؟".
والمؤسف انه بعد
ربع قرن على كتابة هذا
المقال لا يزال النظام
السوري يتّبع السياسة
نفسها والاداء عينه،
بحيث يبقى السؤال الدائم:
لماذا يكذب النظام؟
فالى متى سيبقى
هذا النظام وأعوانه و"أزلامه"
يواجهون الحقيقة بالكذب
والبلف واللف والدوران؟
ألم يكن من الافضل
لهذا النظام ان يغيّر
اداءه في الداخل ومع الخارج
القريب والشقيق والبعيد؟
والى متى نبقى
نحن في لبنان ساكتين،
خائفين من قول الحقيقة،
كل الحقيقة، ووضع النقاط
على الحروف، وصولا الى
الحد من الاداء المسيء
الينا والى سوريا والعرب
اجمعين؟
وهل سنستمر في
مواجهة لامبالية لكل
انواع الاكاذيب التي
تقال في حقنا وباسمنا
وعلى حساب دماء شهدائنا
وكرامتنا وسيادتنا، وعلى
حساب تلك الحقيقة المقدسة؟
وهل سنبقى ساكتين
عما سمعناه على لسان مندوب
سوريا في الامم المتحدة
الذي ادعى ان بلاده "أنقذت"
لبنان واللبنانيين وساعدتهم
في محنتهم، كما كانت بجانب
الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟
والى متى سنسكت
امام الاكاذيب التي تقال
باسمنا؟ وعن اي مساعدة
للبنان تكلم المندوب
السوري في الامم المتحدة؟
وهل ثمة من نسأله
مثلاً، وبكل صراحة، ان
يكشف الحقيقة عن اغتيال
كمال جنبلاط؟
وماذا لو قرر وليد
جنبلاط وليته يقرر – ان
يقول الحقيقة، كل الحقيقة،
حول اغتيال والده على
يد النظام السوري؟
وعن اي مساعدة
سورية للبنان تتحدث يا
حضرة المندوب؟
ثم ماذا لو قرر
آل اللوزي الحديث عن حقيقة
اغتيال سليم اللوزي؟
بل لماذا لا نسأل
آل طه عن حقيقة اغتيال
النقيب رياض طه؟
ثم نسأل آل خالد
عن حقيقة اغتيال المفتي
الشيخ حسن خالد؟
وماذا عن اغتيال
محمد شقير وناظم القادري
والرئيس بشير الجميل؟
وحبذا لو تقول
لنا الوزيرة نايلة معوض
الحقيقة حول اغتيال زوجها
الرئيس رينه معوض!
ولا لزوم هنا للتذكير
بكل الاغتيالات التي
حصلت في لبنان منذ اندلاع
الحرب على لبنان وطالت
لبنانيين شرفاء. فهل كان
كل ذلك من باب مساعدة لبنان
وانقاذه؟
فمن تراه يزوّر
الحقيقة، تقرير لجنة
التحقيق الدولية التي
اثبتت تورط النظامين
الامنيين السوري واللبناني
في اغتيال الرئيس رفيق
الحريري ام النظام السوري،
ومن يتكلم مدافعا عن امور
لم يعد من الممكن الدفاع
عنها؟
ثم من يزوّر الحقيقة؟
لجنة التحقيق الدولية
ام وزير خارجية سوريا
الذي بعث الى اللجنة برسالة
مضللة؟
وكيف نصف شهادة
السفير وليد المعلم التي
تناقض تماماً تسجيلاً
صوتياً – نعم تسجيل صوتي
– لجلسته الشهيرة مع الرئيس
الشهيد رفيق الحريري؟
فمن هو المزوّر هنا؟
وعن اي مبادئ يتكلم
النظام السوري في رده
على لجنة التحقيق الدولية؟
عن مبادئ القتل والخطف،
عن مبادئ التعذيب في سجون
البوريفاج وعنجر وضهور
الشوير والمزّة وغيرها،
عن مبادئ تبييض الاموال
مع شركائه في النظام الامني
اللبناني واقربائهم بواسطة
مصارف وجدت لهذه الغاية
بالذات؟ ام عن مبادئ حماية
المافيات، مافيات سرقة
السيارات ومافيات تجارة
المخدرات ومافيات تهريب
اموال العراق ومافيات
تصريف كوبونات النفط؟!!!
... يا لهذه المبادئ
الديموقراطية والنبيلة
التي دافع عنها هذا النظام
في لبنان!
ان ساعة الحقيقة
دقت ولا لزوم للاستمرار
في الكذب والتكاذب، ولا
نفع في اعتماد اساليب
الترهيب عينها للرد على
كشف الحقيقة.
ان القضية المطروحة
اليوم ليست قضية شخصية
بين آل الحريري وآل الأسد،
بل هي جريمة ارتكبت في
حق لبنان والعالم العربي
ووصفها المجتمع الدولي
بالعملية الارهابية.
لذلك فأن مسؤولية
مجلس الامن متابعة هذه
القضية حتى النهاية،
بهدف كشف المجرمين، وليس
ضرب أشخاص او شعب بكامله.
والمجرمون، اياً كانوا،
يجب كشفهم هم ومن وراءهم
ومحاكمتهم ومحاسبتهم
على ما اقترفته ايديهم.
ويجب ان يكون واضحاً
ان لبنان والمجتمع الدولي
لا يستهدفان في هذه القضية
سوريا ولا شعبها، بل مجموعة
من الارهابيين القتلة
الذين يجب ان يقدموا الى
المحاكمة وينالوا الجزاء
العادل.
وفي اعتقادي ان
الشعب السوري بريء من
هذه الجريمة الارهابية
وما يتفرع عنها. وهو اقرب
الى اللبنانيين منه الى
حاشية النظام الذي يحكمه.
والمطلوب واحد
وبسيط: تسليم المجرمين
لمحاكمتهم امام محكمة
دولية، فوحدها تؤمّن
الشفافية والصدقية بعيداً
من اي محاولة ضغط او ابتزاز
يمكن ان يتعرض لها اي قاض
او محام او شاهد وحتى اي
مشتبه فيه.
تلقيت رسالة الكترونية
من مواطنة سورية تقول
فيها: "(...) انني آسفة لكل ما
فعله النظام السوري في
حق الشعب اللبناني. وآسفة
كذلك للذل والتسلط والاستبداد
ولوضع اليد والقمع والهيمنة.
كما آسف لاغتيال الرئيس
رفيق الحريري ورفاقه
وآخرين وآخرين، قبل الاغتيال
وبعده. وآسف لمحاولة النظام
السوري اغتيال روح لبنان
وكرامته، وهي محاولة
لم ولن تنجح. وآسف ايضا
لشراسة النظام السوري
ودمويته وحماقته. وآسف
كذلك لانني اليوم لا يمكن
ان اعبّر عن رأيي بحرية،
واشعر بالذل والارتباك
لأني بعيدة كل البعد عما
جرى وبريئة كشعبي من كل
تلك الجرائم التي ارتكبها
النظام فيه".
ان هذه الرسالة
تعبّر في رأيي عن حقيقة
الشعب السوري الشقيق
والمشتاق هو ايضاً الى
كشف كل الحقائق!
وهي اوضح ردّ على
كل الذين يحاولون اليوم
اثارة فتنة بين الشعبين
اللبناني والسوري فضلاً
عن انها تؤكد للجميع أن
كل محاولات زرع الفتن
داخل لبنان وبين لبنان
وسوريا ستبوء بالفشل
ولن تجدي!
لقد دقت ساعة الحقيقة
وسقطت معها كل الاقنعة.
والحق وحده سينتصر
في لبنان، وفي سوريا كذلك.