... نعم هكذا
سأفتتح مقالتي بالتعجّب
ﺇذ بعد مشاهدتي لحلقة
"وينن" للإعلامي "مارسيل
غانم" بدأت رحلتي مع التساؤل...
ﺇذ هذه الحلقة جاءت مجبولة
بالدموع والألم وجفاف
البعد وطول الإنتظار،
فأصبح الصوت صدى لا حدود
له، وكلمات الضيوف خرجت
من قلوبهم لتقع في قلوب
جميع المستمعين فلمست
مشاعرهم ليشاركوهم ولو
بالقليل من ما عانوه من
عذاب وقهر....
فتخطّت هذه الحلقة
حدود السياسة و تحوّلت
ﺇلى قضيّة ﺇجتماعيّة
ﺇنسانيّة، تحثّنا ﺇلى
التساؤل: أين نحن من حقوق
الإنسان؟ ومن يحقّ له
أن يدين أخاه الإنسان
ويحرمه من حقوقه وحرّيّته؟..
في هذه الحلقة الخاصّة،
شعرنا بألم الضيوف ومعاناتهم،
ﺇن كانوا من أقرباء المفقودين
أم السجناء المحرّرين
بحدّ ذاتهم. فاستغرقتني
عدّة مواقف أثّرت فيّ،
منها العجوز البالغة
فوق الثمانين من العمر
التي باءت تبحث هي بنفسها
عن ﺇبنها ولم يغمض لها
جفن حتّى أطلقت سراحه،
وتلك الأمّ على فراش الموت
تصارع بكلّ ما لديها من
آثار القوّة المتبقّية
لديها لعلّها تلقي النظرة
الأخيرة على ولدها قبل
أن تفارق الحياة!
وذلك الأب الذي مات
قهرا ًعلى خسارة وفقدان
ولده، وغيرهم من القضايا
المؤلمة...
والغريب أنّ الأهالي
ليسوا متأكّدين ﺇن كان
أقرباءهم ما زالوا على
قيد الحياة أم لا، والمؤثّر
أنّهم مثابرون بآمالهم،
علّهم ينظرون يوما ً ﺇلى
الأفق البعيد ويرون قريبهم
عائد لهم!
أليس من المؤلم أن
يربى طفل دون أباه، ويكبر
دون أن ينادي كلمة "بابا"
ويبلغ سنّ المراهقة دون
الشعور بدفء حضن الوالد،
ولا يعرف أباه ﺇلاّ من
خلال صورة ما أو مشهد من
ذكريات الماضي؟
والسخرية في كلّ ذلك
أنّ العجوز أو العجوزة
الذي ذاق من الحياة طعم
العلقم المرّ يضطرّ أن
يعمل ويشقى لتأمين لقمة
العيش وﺇذ في النهاية
تذهب أتعابهم وأموالهم
لذوي المراكز والمسؤولين
فقط ليعرفوا عن أقربائهم
أيّ خبر، أو ﺇن كان المسؤولون
لطفاء يسمحون للأهل بلقاء
السجناء فقط لخمسة دقائق!
أليس هذا ﺇبتزاز
لحقوق الانسان وقلّة
احترام للعجوز الذي جفّت
دموعه من كثرة البكاء
والقهر؟
أمّا من ناحية أخرى،
المعاملة التي يلقاها
السجناء المخطوفون واستخدام كلّ وسائل التعذيب
من الكرسي الكهربائي
ﺇلى الكرباج والضرب و
قلّة التغذية ومعاملتهم
على أساس أنهم حيوانات
وليسوا بشر!.
والداعي
للسخرية أكثر فأكثر المعاملة
التي يلقاها السجين المحرّر
من قبل المجتمع، والنظر
ﺇليه بإشمئزاز ، وعدم ﺇيجاد
وظيفة ليستر بها نفسه،
وكأنّ الذي عانه في حياته
من عنف وأسر واستبزاز
وقهر وآلام لا يكفيه بل
أيضا ً عليه أن يعاني هذه
الحالات بعد ﺇستيراده
حرّيته!
كلّ تلك
القضايا يجب النظر ﺇليها
بجدّيّة، لعلّنا نستطيع
أن نستردّ اﻹبتسامة ﺇلى
قلب العجوز، ودفء الوالد
ﺇلى ﺇبنه... ولعلنا بذلك
أيضا ً نعيد لذلك الأسير
المظلوم حقوقه كإنسان
وثقته بنفسه ونقوّي ﺇيمانه
بالحياة!
بقلم شرمين بحّوث.